كانت طبيعة الإصابات التى وقعت بين صفوف المدنيين والعسكريين وقوات الأمن المركزي كالآتي :
- المدنيين : أسفر تحليل البيانات الواردة فى التقرير عن وقوع 5 إصابات نتيجة طلق نارى و4 اشتباه بالإصابة بطلق نارى لم يتأكد فى تاريخ البيان. وكانت طبيعة الإصابات الأخرى وفقا لمعدل وقوعها تتمثل فى 20 إصابة بجروح قطعية فى أماكن متفرقة، و تلاها الكدمات وتمثلت فى 19 إصابة، تلاها الكسور وتمثلت فى 7 إصابات، تلاها ضيق التنفس والاختناق 6 إصابات، تلاها إصابات فى أماكن متفرقة فى الجسد تمثلت فى 7 إصابات، وأخيرا الحروق وتمثلت فى إصابة واحدة .
- أفراد الجيش :أسفر تحليل البيانات الواردة فى التقرير عن وقوع 3 إصابات نتيجة طلق نارى. وكانت طبيعة الإصابات الأخرى وفقا لمعدل وقوعها تتمثل فى 27 إصابة فى أماكن متفرقة، والكدمات وتمثلت فى 9 إصابات، والجروح وتمثلت فى 8 إصابات. ولم يشر التقرير لوقوع اى إصابات بكسور او حروق او اختناقات.
- أفراد الأمن المركزى : لم ترد فى بيانات وزارة الصحة إشارة إلى اى إصابة بأعيرة نارية وذلك فيما يتعلق بالمعلومات التى وردت عن الخمس مستشفيات المذكورين آنفا المنيرة العام ومعهد ناصر للبحوث والعلاج و القصر العينى الفرنساوى والهلال والإصلاح الاسلامى. وكانت طبيعة الإصابات الأخرى وفقا لمعدل وقوعها تتمثل فى 17 إصابة فى أماكن متفرقة، و6 إصابات بجروح قطعية بأماكن متفرقة، وإصابتين بكسور، وإصابتين بكدمات، وإصابة مجند بحالة نفسية من جراء الأحداث، ولم يشر البيان لأى إصابات باختناقات أو حروق . والجدير بالذكر أن وزارة الداخلية أكدت فى ردها عدم وقوع أى وفيات بين قواتها وإصابة 66 (5 ضباط و3 أفراد و58 مجند) دون تحديد لطبيعة الإصابات.
رابعا – خلفية أحداث ماسبيرو
1- أحداث الاعتداء على الكنائس وتراجع سيادة القانون
تشهد مصر منذ 1970 عددا من العمليات من قبل جماعات العنف المسلح لبعض التيارات الإسلامية المتطرفة التي استهدفت المواطنين المسيحيين والكنائس. وكان من أبرز الأحداث حادثة كنيسة الخانكة بمحافظة القليوبية والتي صدر بمناسبتها تقريرا فى نوفمبر 1972 من لجنة لتقصى الحقائق برئاسة د. جمال العطيفى، تضمن توصيات من أهمها إخضاع تراخيص بناء أو ترميم الكنائس للقواعد العامة للبناء التى تسرى على بناء المساجد، وضرورة احترام حق المواطنين المسيحيين الدستوري فى ممارسة شعائرهم الدينية دون تمييز، بالإضافة لإتاحة تدريس الدين المسيحي للتلاميذ المسيحيين فى المدارس، على أن تتسم دروس الدين، سواء للمسلمين أو المسيحيين، بالبعد عن التعصب، وضرورة إخضاع المساجد الأهلية لإشراف وزارة الأوقاف. وتمثل بعض هذه التوصيات أهم المطالب التى لم يتم الاستجابة لها حتى تاريخ هذا التقرير، وهو ما يوضح سبب تكرار أحداث العنف ضد الكنائس والمواطنين المسيحيين، مادامت الحكومة المصرية لا تملك شجاعة مواجهة الأسباب الحقيقية للعنف الطائفي واتخاذ ما يلزم من إجراءات وسياسات وإصدار التشريعات لمعالجتها.
ونذكر منها على سبيل المثال الأحداث الآتية: كنيسة أخميم (1970) والخانكة (1972) والزاوية الحمراء (1981)، أبو قرقاص (1987)، إمبابة (1990)، ديروط وصنبو (1992 ) والكشح 1 (1998) والكشح 2 (1999 ) والاعتداء على كنيسة مارجرجس في الإسكندرية فى 2005 وأربع كنائس فى الإسكندرية فى 2006 ، و تلى ذلك حادث كنيسة العياط فى 2007 ودير أبوفانا بالمنيا فى 2008 وحرق كنيسة مارمرقس بالفيوم فى 2009، ثم جاءت مذبحة كنيسة نجع حمادي بعد صلاة قداس عيد الميلاد فى 2010 ، ثم أحداث تفجير كنيسة االقديسين فى الاسكندرية ليلة الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية فى أول يناير 2011.
ورغم المشهد المذهل للتلاحم بين فئات المجتمع المصرى خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011، سرعان ما تبددت الصورة المثالية لهذا التلاحم الذى ظهر أثناء الثورة، وتجددت أعمال الاعتداءات على الكنائس وظهر ذلك فى حرق كنيستى مارمينا ومارجرجس فى قرية صول بمركز أطفيح محافظة حلوان فى 4/3/2011، والتي بدأت واستمرت بعدها مظاهرات ماسبيرو اثر حوادث أبو قرقاص فى المنيا فى أبريل 2011، وكنيستى مارمينا والعذراء بإمبابة فى مايو 2011، وأخيرا حادث هدم كنيسة الماريناب بأسوان الذي فجر المظاهرة وماترتب عليها من أحداث مذبحة ماسبيرو فى 9 أكتوبر2011 .
ورغم أن معظم الأحداث الطائفية الجسيمة اقترنت بالتشاحن حول بناء أو ترميم الكنائس، إلا أنها عكست العديد من الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، إذ تمحورت حول مسائل التحول الدينى والزواج المختلط بين المسلمين والمسيحيين، والعلاقات العاطفية بين الشباب من الديانتين، والخلافات حول المصالح الاقتصادية. وساهمت الفضائيات خاصة الدينية، والإعلام الالكتروني على زيادة التعصب الدينى وانتشار لغة التجريح والتكفير.
وفى جميع هذه الأحداث التى استهدفت الاعتداء على المواطنين المسيحيين وحرق أو هدم الكنائس خلال العقود الأربعة الماضية ، تمت معالجة هذا الملفات من جانب السلطات العامة باعتبارها ملفات أمنية، وكانت الجلسات العرفية للصلح تحت إشراف الأمن والمشايخ والكنيسة هى الوسيلة الوحيدة المستخدمة لإطفاء الفتنة، وهو ما أدى إلى إذكاء الفتنة، حيث لم يتم استخدام الأدوات والوسائل التشريعية أو السياسية أو الاجتماعية والثقافية اللازمة لنزع جذورها والتصدي لأسبابها الحقيقية بحلول تنفذ على المدى القصير والطويل. كما حالت الخشية من تفاقم أحداث الفتنة الطائفية دون تطبيق القانون لمحاسبة وردع مرتكبي هذه الجرائم، أو الإسراع بمحاكمة الجناة خاصة فى جرائم القتل، وتراخى تنفيذ الأحكام القضائية، فاستمرت وتكررت الحوادث الدامية على نحو متواتر دون مواجهة حقيقية من الحكومة المصرية ، مما كرس لدى المواطنين المسيحيين الشعور بالتمييز ضدهم بسبب الدين، خاصة فى ظل ندرة شغلهم لمناصب قيادية فى مؤسسات الدولة أو عضوية المجالس النيابية وعدم تعيينهم فى بعض المناصب الحساسة مثل المخابرات العامة والرقابة الإدارية، فزاد انتماؤهم للكنيسة على حساب المشاركة السياسية والانتماء للوطن.
2- غياب الأمن وزيادة التعصب الدينى
نتيجة لغياب الأمن، وزيادة التعصب الدينى، برز خطاب ديني من بعض قيادات الجماعات وقوى الإسلام السياسي، يتعارض مع مبادئ الدستور الأساسية بل ومبادىء الشريعة الاسلامية، فيما يتعلق بموقف الإسلام من غير المسلمين، كما ارتفع صوت من يطالبون بتطبيق الحدود ووقعت تطبيقات مروعة،حيث قام بعض المتطرفين بإقامة الحد على مواطن تنفيذا لحكم عرفي أدى لإصابته بعاهة مستديمة، دون أى احترام لسيادة القانون. بالإضافة إلى ذلك، زادت وتواترت حوادث الاعتداء على المواطنين المسيحيين وحرق وهدم الكنائس منذ يناير 2011، سواء قبل الثورة أو بعدها، فى ظل غياب أمنى غير مقبول، على نحو يشير إلى وجود أصحاب مصالح فى إشعال الفتنة الطائفية فى مصر. وترتب على كل ذلك، تحرك بعض قطاعات من المواطنين المسيحيين للدفاع عن وجودهم والمطالبة بحقوقهم كمصريين، انطلاقا من الانتماء الديني.
3- حادثة هدم وحرق كنيسة الماريناب وتجاهل توصيات لجنة العدالة الوطنية
§ في ظل غياب الأمن وتراجع دولة المواطنة والقانون، ظهرت على مسرح الأحداث كنيسة المريناب بادفو بأسوان والتي وثق تقرير تقصى الحقائق الصادر من لجنة العدالة الوطنية المشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء أنه تم حرقها وهدمها، بمعرفة المواطنين المسلمين فى القرية، بالرغم من حصولها على التراخيص وقبول كاهنها هدم الارتفاعات المخالفة وعدم تعليق صلبان أو أجراس لإرضائهم، وهو ما يمثل تمييزا صارخا ضد المواطنين المسيحيين، وقام المعتدون باحتجاز المواطنين المسيحيين لمدة ثلاثة أيام دون مؤن أو غذاء.
§ وبالرغم من التحذيرات المبكرة ، من المجلس القومى لحقوق الإنسان، إلا أن الحكومة المصرية اتبعت نفس الأسلوب التقليدي والمسكنات التي تم استخدامها خلال الأربعين عاما السابقة دون احترام لسيادة القانون، وتأخرت في مواجهة تداعيات الحدث، وتراخت فى تنفيذ توصيات لجنتها للعدالة الوطنية، ولم تبادر بمحاسبة من خالفوا القانون، بالإضافة إلى تراخيها فى إصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة . كل ذلك أدى مباشرة إلى مظاهرة ومحاولة اعتصام ماسبيرو فى 4 أكتوبر والتي تم فضها بالقوة المفرطة من الشرطة العسكرية، ثم مظاهرة 9 أكتوبر التي انتهت للأسف الشديد بمذبحة ماسبيرو والتي راح ضحيتها 27 شهيدا من المواطنين المسيحيين وشهيدا من جنود القوات المسلحة وما يتجاوز 321 مصاب.
4- التراخي في إصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة وقانون مكافحة التمييز
عمل المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ إنشائه في 2004 على تفعيل مبدأ المواطنة وما يتفرع عنه من منظومة كاملة من الحقوق والحريات، وفي هذا السياق قام بمتابعة ما يجري في الواقع المصري من أحداث تتعلق بحقوق المواطنة والحريات الدينية، وعقد حولها العديد من المؤتمرات والندوات وجلسات الاستماع ، وأعد أكثر من مقترح بمشروع قانون موحد لبناء وترميم دور العبادة منذ 2006. كما أعد مقترحاً بمشروع قانون لتكافؤ الفرص ومنع التمييز في 2008 ، إضافة إلى التعديل الدستوري الذي تم بموجبه فى مارس 2007 النص فى المادة الأولى من الدستور المصري على مبدأ المواطنة كأساس لعلاقة المواطنين بالدولة. وقام المجلس بإيفاد بعثات لتقصي ورصد الحقائق لأغلب الأحداث الطائفية التي وقعت فى مصر، وتقدم بالعديد من التوصيات للجهات المختصة لتعزيز المساواة ومنع التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو الأصل أوالدين أو العقيدة أو المكانة الاجتماعية أو الإعاقة.
واستند مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة إلى أن تراخيص بناء وترميم دور العبادة يجب أن تخضع لقواعد فنية وإجرائية عامة ميسرة وواضحة وموحدة، باعتبار أن تراخيص واشتراطات البناء أو الترميم تشكل جزءا من علاقة المواطن بالدولة والتي تلتزم بإصدارها عند استيفاء شروطها وفقا للقانون، بصرف النظر إذا كان محل الترخيص مسجدا أو كنيسة. كما نظم مشروع القانون إجراءات الحصول على التراخيص وحدد الجهة المختصة والحد الأقصى للمدة اللازمة لإصدار الترخيص. ونص المشروع على سريان القانون الموحد للبناء فيما لم يرد فيه نص. وقد قدم المجلس مشروعه للحكومة عدة مرات قبل ثورة 25 يناير كما قدم مشروعا محدثا بعد الثورة اثر أحداث كنيسة صول باطفيح فى مارس 2011 .
إلا أن الحكومة تباطأت فى إصدار القانون إلى أن ظهرت أخيرا اتجاهات تطالب بقانون منفصل لبناء كل من المساجد والكنائس، دون مبررات واضحة. والجدير بالذكر أن القواعد الفنية والإجرائية العامة واشتراطات التراخيص للبناء أو الترميم لا دخل لها بالدين، ولذا فمن غير المتصور أن تختلف فى حالة بناء مسجد أو كنيسة. أما إذا كانت هناك اشتراطات ذات خصوصية، فيمكن إفراد قسم خاص فى القانون يضم تلك الشروط الخاصة لكل من المسجد أو الكنيسة أو أي دار أخرى للعبادة يرخص القانون بإنشائها.
كما أعد المجلس مشروعا لقانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز يقوم على المحاور الآتية:
1- وضع قواعد تشريعية مفصلة تحدد التزامات كافة مؤسسات الدولة العامة والخاصة فيما يتعلق باحترام مبادئ تكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المواطنين، ووضع العقوبات المناسبة لمخالفتها، وذلك على وجه الخصوص فى مجالات العمل والتوظف وتولى الوظائف العامة والترقى والتدريب والتأهيل والتعليم والإعلام وغير ذلك من المجالات.
2- إنشاء آليات مؤسسية لمراقبة تنفيذ القانون، سواء على نحو إيجابى بإلزام مؤسسات الدولة العامة والخاصة بوضع وتنفيذ خطة لتحقيق هذه المبادئ على أرض الواقع، أو سلبا بكشف المخالفات واتخاذ الإجراءات الرادعة لوقفها والحصول على التعويض لضحاياها.
3- وضع نظام إجرائى يسمح بالحصول على أوامر وقتية بوقف الانتهاكات بسرعة وضمانات الانتصاف والعدالة لضحايا الانتهاكات.
4- دعم ونشر ثقافة المساواة وعدم التمييز بين المواطنين ومبدأ تكافؤ الفرص من خلال التوعية بالحقوق التى يؤكدها القانون ودعم تطبيقه، وكذلك من خلال المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية.
وقدم المجلس مشروعه للجهات المختصة ووعدت الحكومة بإصداره، إلا أنها اكتفت بإصدار تعديل لقانون العقوبات يضع عقوبة على جريمة التمييز بين المواطنين. ومع تقديرنا لهذه الخطوة الايجابية، الا أنها غير كافية لأنها اقتصرت على الأثر العقابي الرادع للقانون وأغفلت الجانب الاصلاحى، والذى يقتضى إنشاء آلية لمراقبة التنفيذ وتفعيل القانون بهدف مكافحة ثقافة التمييز وتعزيز ثقافة المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
خامسا – المرجعية القانونية والانتهاكات
1- المرجعية القانونية لتقرير لجنة تقصى الحقائق عن أحداث ماسبيرو
تعد المرجعية القانونية لتقرير لجنة تقصى الحقائق عن أحداث ماسبيرو 9/10/2011 خلفية ضرورية لفهم البيئة التشريعية الحاكمة لتلك الأحداث وإسنادها إلى الإطار القانونى الحاكم والمنظم لها، بالمواثيق والمعايير الدولية الواجبة التنفيذ فى مصر، من ناحية، والتشريعات الوطنية السارية من جانب آخر، على النحو الموضح تفصيلا فى الملحق (1) لهذا التقرير.
§ وتتمثل المواثيق والمعايير الدولية فى (أ) العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتى صدقت عليه الحكومة المصرية بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 536 لسنة 1981 ونشر بالجريدة الرسمية - العدد 15 – في 15 إبريل سنة 1982، وأصبح قانون من قوانين البلاد إعمالا للمادة 151 من الدستور، و(ب)مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، الصادرة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة – الجلسة العامة 106- 17 ديسمبر 1979 و(ج) مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين -1990.
§ كما تتمثل التشريعات الوطنية فى أحكام الإعلان الدستورى المتعلقة بحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية وحرية الرأى والتعبير و الحق فى التظاهر السلمى، بالإضافة لقرار وزير الداخلية رقم 156 لسنة 1964 فى شأن قواعد وشروط إطلاق النار على المتظاهرين، والقانون 109 لسنة 1979 بشأن هيئة الشرطة، والقانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقرار الجمهورى بقانون 87 لسنة 1968 والقانون 14 لسنة 1923 بتقرير الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة والمظاهرات فى الطرق العمومية، وأخيرا المرسوم بقانون 34 لسنة 2011 بتجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت.
ومن القراءة فى مضمون كل من المعايير الدولية ذات الصلة والتشريعات الوطنية والنظم المعمول بها فى الحكم على مدى مراعاة وكفالة الحقوق المتعلقة بمضمون التقرير، وهى الحق فى عدم التمييز وحرية الرأى والتعبير والمعتقد وعدم التعرض للاضطهاد بسبب الدين أو التمييز العنصرى، وتتناول أيضا قواعد استخدام القوة والأسلحة النارية فى فض التظاهرات، يتبين أن القوانين والتشريعات الوطنية، وان كانت تضع تنظيما لتلك الحقوق، إلا أنها لم تكفل من الضمانات فى نصوصها ما يجعل الحقوق الواردة فيها جديرة بالتطبيق، وغير عصية على الانتهاك أو التجاوز. فقد أفردت تلك القوانين العديد من القيود التي تحد من ممارسة تلك الحقوق، بما يخل بالقدرة على ممارستها فى الإطار الذي شرعت من اجله دون أن تصطدم بنصوص تشريعية تجرمها أو تضع عقوبات جزائية لها، وهو الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر فى تلك القوانين، التى صدر بعضها فى أوائل القرن العشرين، وإصدار تشريعات جديدة تتسق مع القواعد الحقوقية والمعايير الدولية ذات الصلة فى التوجه والمضمون .
2- الانتهاكات التي ارتكبت خلال أحداث ماسبيرو:
انتهاك الحق فى الحياة وجرائم القتل العمد بإطلاق النار
بلغ عدد الضحايا نتيجة انتهاك الحق فى الحياة بإطلاق النار على الرأس والصدر وهو ما يشكل جرائم قتل عمد، 8 حالات « 7 من المواطنين المسيحيين و حالة واحدة من العسكريين»، وذلك وفقا لشهادات الوفاة التى صدرت لأسر الضحايا والتى أمكن الحصول عليها حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، وبيانات وزارة الصحة التى أكدت وفاة أحد جنود الشرطة العسكرية.
وينتظر وفقا لتقديرات اللجنة أن تتزايد تلك الأعداد لعدم التمكن من الحصول على المستندات الدالة على سبب الوفاة لعدد 7 من الضحايا من المواطنين المسيحيين حتى تاريخه. كما أن التليفزيون المصري كان قد أعلن عن وفاة 3 من العسكريين ثم نفى ذلك، و لم تصدر أو توافى اللجنة بأى بيانات رسمية فى هذا الشأن.
وقد تعددت الشهادات التى حصلت عليها اللجنة عن مصدر إطلاق النيران وأفاد العديد في شهاداتهم أن الذخيرة الحية كان مصدرها الشرطة العسكرية، باستخدام البنادق الآلية ضد المتظاهرين ، وقد نفى مسئولون فى القوات المسلحة إطلاق النيران على المواطنين أو وجود الذخيرة الحية مع القوات المتواجدة خارج مبنى ماسبيرو، ويؤيد ذلك العديد من الشهادات التي أكدت استخدام الشرطة العسكرية لطلقات الفشنك وأنها لم تستخدم الذخيرة الحية.
وأكد عدد من الشهود أن بداية إطلاق النار كانت من خلال عدد من المدنيين المجهولين اندسوا على المتظاهرين واختلطوا بالمظاهرة بدراجات بخارية «موتوسيكلات» فى الاتجاه المعاكس لماسبيرو، وقاموا بإطلاق النار على المتظاهرين وعلى قوات الشرطة العسكرية. ويؤيد ذلك شهادة أخرى أكدت رؤية قناص مسلح على مطلع كوبري أكتوبر المواجه للمبنى المجاور لفندق رمسيس هيلتون يطلق الرصاص على المتظاهرين والشرطة العسكرية وحوله مجموعة تساعده، والعديد من الشهادات التي أكدت تعرض المظاهرة لإطلاق الرصاص الحي مرتين أتناء مسيرتها من شبرا إلى ماسبيرو، عند نفق شبرا وكوبري 26 يوليو.
وفى ظل عدم توفر المعلومات وعدم إعلان تقارير الطب الشرعي التفصيلية حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، وعدم إمكان التوصل إلى أدلة حاسمة على مصدر إطلاق الرصاص الحي، تقع مسؤولية تحديد هوية المدنيين المجهولين ومحرضيهم من مرتكبي هذه الانتهاكات التى تشكل جرائم قتل عمد على عاتق جهات التحقيق المختصة، خاصة وأن لديها حالتين من المصابين من المتظاهرين بطلق ناري غير نافذ وتم إخراج الطلقات بما قد يمكنهم من تحديد مصدرها.
انتهاك الحق فى الحياة وجرائم القتل دهسا
بلغ عدد الضحايا من المواطنين المسيحيين نتيجة انتهاك الحق فى الحياة مما يشكل جرائم قتل نتيجة الدهس من المركبات المدرعة فى موقع الأحداث 12 حالة، وذلك وفقا لشهادات الوفاة التى صدرت لأسر الضحايا حتى تاريخ إعداد التقرير. وينتظر وفقا لتقديرات اللجنة أن تتزايد هذه الأعداد لعدم التمكن من الحصول على المستندات الدالة على سبب الوفاة لعدد 7 من الضحايا من المواطنين المسيحيين حتى تاريخه.
والثابت أن القوات العسكرية المتواجدة فى موقع الأحداث استخدمت المركبات المدرعة لتفريق وفض المتظاهرين ، بأن اجتازت المركبات المدرعة شارع كورنيش النيل ذهابا وإيابا بسرعة بالغة وسط حشود غفيرة من المتظاهرين، ليسقط 12 من المواطنين على الأقل تحت إطاراتها، مما يشكل انتهاكات جسيمة للحق فى الحياة، وإخلال صارخ بالالتزامات الواجبة على المسئولين عن إنفاذ القانون وحماية المتظاهرين، ليرتقى بها إلى مرتبة القتل العمد.
الاعتداءات البدنية ، والإصابات المتخلفة عن قمع المتظاهرين:
على اثر تقدم المتظاهرين إلى شارع كورنيش النيل واقترابهم من المنطقة المحيطة بمبنى ماسبيرو، استخدمت قوات الشرطة العسكرية الدروع والعصى الخشبية لفض وتفريق المظاهرة، فوقعت العديد من الإصابات للمواطنين المدنيين. ونتيجة استخدام القوة فى فض التظاهر وإطلاق الرصاص الفشنك من الشرطة العسكرية، وقعت حالة من الفزع الشديد بين المتظاهرين وتراجعوا بأعداد كبيرة وبسرعة شديدة، فى اتجاه فندق رمسيس هيلتون وميدان عبد المنعم رياض وميدان التحرير، مما أدى لإصابة الكثيرين بإصابات مختلفة. وكل ذلك يمثل انتهاكا للحق فى السلامة البدنية للمتظاهرين السلميين، وإخلالا بالالتزامات الواجبة على المسئولين عن إنفاذ القانون بحماية والحفاظ على سلامة المتظاهرين، مما يشكل جرائم يعاقب عليها القانون.
وقد قامت قوات الأمن المركزى بالصعود إلى أعلى كوبرى أكتوبر وألقت بالقنابل المسيلة للدموع والحجارة على المتظاهرين، فى محاولة لتفريقهم من منطقة أسفل الكوبرى، مما أسفر عن إصابة العديد من المتظاهرين. وعلى الجانب الآخر، تم الاعتداء على المتظاهرين العزل من قبل مجموعات من المدنيين المجهولين والبلطجية مستخدمين الأسلحة البيضاء، تحت سمع وبصر قوات الشرطة العسكرية خلف ماسبيرو، كما قام العديد من المدنيين المجهولين والبلطجية، أيضا فى وجود قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزى، بالاعتداء على المتظاهرين فى المنطقة المحيطة بفندق رمسيس هيلتون. وكل ذلك يمثل انتهاكا جسيما للحق فى السلامة البدنية، وإخلالا بالالتزامات الواجبة على المسئولين عن إنفاذ القانون بحماية والحفاظ على سلامة المتظاهرين، مما يشكل جرائم يعاقب عليها القانون.
وقد سمحت قوات الشرطة العسكرية المتمركزة فى ميدان التحرير بعبور أشخاص يرددون هتافات طائفية إسلامية عدائية ضد المواطنين المسيحيين، مما أدى إلى وقوع العديد من الاعتداءات الجسدية والتحرشات ضد مواطنين مسيحيين، وقام بعض المدنيين المجهولين والبلطجية بالتواجد فى منطقة عبد المنعم رياض واستيقاف المواطنين والاعتداء على كل مواطن لمجرد أنه مسيحى. وكل ذلك يمثل انتهاكا جسيما للحق فى السلامة البدنية، وتمييزا صارخا بسبب الدين، وإخلالا بالالتزامات الواجبة على المسئولين عن إنفاذ القانون بحماية والحفاظ على سلامة المتظاهرين، مما يشكل جرائم يعاقب عليها القانون.
وقد نتج عن كل ما سبق وفقا لبيانات وزارة الصحة ما يجاوز 321 مصاب من المدنيين والعسكريين والأمن المركزى، بالإضافة إلى 19 مصاب تم إسعافهم بالمستشفيات.
إتلاف الممتلكات العامة والخاصة
تمثل ذلك فى قيام المدنيين المجهولين وبعض المتظاهرين بإشعال النيران فى إحدى المركبات المدرعة اثر عمليات الدهس للمواطنين، و أتوبيس ناقل للجنود وأيضاً تحطيم وإشعال النيران فى عدد من السيارات الخاصة الموجودة فى موقع الأحداث . كما قام عدد من المدنيين المجهولين والبلطجية بإشعال النيران فى بعض السيارات الخاصة بالقرب من المستشفى القبطى. وكل ذلك يمثل جرائم يعاقب عليها القانون، بالنسبة لمرتكبى تلك الجرائم، كما يمثل إخلالا بالالتزامات الواجبة على المسئولين عن إنفاذ القانون بحماية والحفاظ على سلامة المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة.
سادسا – الخلاصة والتوصيات
تعد أحداث ماسبيرو نقطة تحول فارقة تهدد أحد أهم مقومات المجتمع المصرى بل والدولة المصرية الحديثة وأسباب تفردها، وكان للمخزون الحضاري للشعب المصري والذي رفضت جموعه محاولات التحريض والاستعداء ضد المواطنين المسيحيين، دورا حاسما في حماية الوطن ووحدة شعبه من كارثة قومية محققة. وبقدر ما مثلته أحداث ماسبيرو من خطورة وتحدى ،فقد كانت بالقدر نفسه مصدر تحدٍ فى إعداد هذا التقرير حيث واجه ثلاث صعوبات أولها نقص المعلومات ،وثانيها تعتيم المصادر الرسمية على بعض جوانبه ،وثالثها انحياز المصادر الإعلامية فى تناولها للأحداث جراء حساسيتها من ناحية ،والصورة النمطية السائدة تجاه هذه القضية من ناحية أخرى .
وقد فرضت هذه التحديات نفسها على منهج إعداد التقرير ،ونمط التوصيات الواردة فيه ،فحرصت اللجنة على توثيق كل الشهادات التى تحصلت عليها «بمقاطع فيلمية» بقدر المستطاع ،وتعاملت بحذر شديد تجاه الشهادات الفردية وحرصت على مقارنة كل ما تحصلت عليه بالبيانات من مصادرها المباشرة .
وترتيباً على ذلك تكون أول توصية توصى بها اللجنة ،هى الدعوة لتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة تنظر فى هذه الأحداث فى سياقها الثقافي والاجتماعي والسياسي ، تخول بالإطلاع على ما تم حجبه من معلومات، حيث أن اللجنة التى شكلت بتاريخ 10 أكتوبر الجارى ،جاءت برئاسة وزير العدل بما يخل باستقلالها ، كما اقتصر اختصاصها فيما يتعلق بالأحداث على بحث أسبابها وتداعياتها دون التحقيق فى الأحداث ذاتها .
بالإضافة لذلك، فقد أحالت النيابة العامة التحقيق إلى النيابة العسكرية للاختصاص، وبغض النظر عن الرأى فى مسألة الاختصاص، فإن هذه التحقيقات والتى تتضمن بالضرورة اتهامات لبعض المسئولين بالقوات المسلحة عن جرائم قتل المواطنين دهسا وعن الاعتداءات والإصابات التى لحقت بالمواطنين فى موقع الأحداث، يجب أن تكون محل تحقيق من لجنة قضائية مستقلة، حتى تستبعد أى شبهة بعدم الحياد، ويتم مساءلة كل من ارتكب أو شارك أو حرض على ارتكاب الانتهاكات المشار إليها فى هذا التقرير والتى تشكل جرائم يعاقب عليها القانون.
ولما كان هذا التقرير قد خلص إلى وجود تحريض واستعداء ضد المواطنين المسيحيين فى تناول التليفزيون الرسمى لأحداث ماسبيرو ،فإنه يوصى بإحالة هذا الموضوع إلى تحقيق جنائى باعتبار أن التحريض جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات. ولا يكفى التقييم الذى خلصت إليه اللجنة التى شكلها السيد وزير الإعلام لبحث هذا الموضوع والتى خلصت إلى اعتباره خطاً مهنياً نظراً لتناولها الحدث من جانب واحد .
وتؤكد اللجنة على ما سبق أن خلص إليه الاجتماع الطارئ الذى عقده المجلس بكامل هيئته عقب اندلاع الأحداث ،من الرفض المطلق لأن تأخذ أى فئة فى المجتمع القانون بأيديها ،وتقع على الدولة وحدها مسئولية تطبيق وإنفاذ القانون .
وقد لاحظت اللجنة بقلق بالغ ،تواتر وجود مجموعات منظمة من المدنيين المجهولين، هاجمت المظاهرة السلمية عند نفق شبرا وكوبري 26 يوليو، وتداخلت مع المتظاهرين واستخدمت الذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين وأفراد القوات المسلحة فى منطقة ماسبيرو، كما استخدمت الأسلحة البيضاء فى الاعتداء على المتظاهرين. وكانت تتعمد التجمع إلى جانب القوات الأمنية، سواء كانت عسكرية أو شرطية ،على نحو ما جرى فى أحداث ميدان العباسية ،ومحاولات الاعتداء على مديرية أمن الجيزة ،وخلال أحداث ماسبيرو. وتطالب اللجنة بالتحقيق فى هذه الظاهرة وكشف هوية هؤلاء المدنيين المجهولين وإحالتهم للتحقيق والمحاكمة.
وتجدد اللجنة تأكيدها على توصيات المجلس القومى لحقوق الإنسان السابقة بشأن الإسراع بإصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة وتقنين أوضاع جميع دور العبادة فى مصر. وتجدد توصياته المتعلقة بإصدار قانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز ،وبينما يرحب المجلس بتجاوب الحكومة مع توصيات المجلس بتقنين عقوبة على جريمة التمييز بين المواطنين ،إلا أنه يرى أنها غير كافية إذا اقتصرت على الأثر العقابى الرادع للقانون ،وأغفلت الجانب الإصلاحي والذي يقضى بإنشاء آلية لمراقبة التنفيذ وتفعيل القانون .
وتطالب اللجنة بإعادة النظر فى القانون 10 لسنة 1914 المعدل والقانون 14 لسنة 1923 المنظمين للتجمهر والمظاهرات والاجتماعات العامة، حتى يتسق القانون مع التزامات مصر الدولية ومع الحق فى حرية الرأى والتعبير والتظاهر السلمى فى إطار مقتضيات العصر.
وأخيرا تقع على الدولة مسئولية التعويض عما أنزله موظفي إنفاذ القانون من قتل وإصابات للمواطنين، وتطالب اللجنة بسرعة إقرار وصرف معاش استثنائي لأسر الشهداء من المواطنين المسيحيين، أسوة بما جرى بالنسبة لشهداء 25 يناير. أما بالنسبة للإصابات، فتوصى اللجنة باستكمال علاج المصابين وتوفير الإمكانيات لإجراء الجراحات للحالات الحرجة، وتحمل الدولة لكامل نفقات العلاج، بالإضافة لإقرار وصرف التعويضات وفقا للمعايير التى تطبقها القوات المسلحة. وأخيرا نوصى بصرف التعويضات عن الخسائر فى الممتلكات من جراء الأحداث من صندوق التعويضات المنشأ لدى وزارة المالية لهذا الغرض فيما يتعلق بثورة 25 يناير.
وفى ختام هذا التقرير ترى اللجنة ،أن الأحداث الجسيمة، بقدر ما تطرح من تحديات فإنها تفتح المجال لفرص الإصلاح الجذري ، فقد نبهت أحداث ماسبيرو بما لايدع مجالا للشك أن سياسة التراخي والإرجاء فى إقرار وتنفيذ حل جذري للأحداث الطائفية، وسياسة تجزئة هذا الحل أصبحت غير مجدية ،وأنه قد آن الأوان لاتخاذ إجراءات جدية وفورية للتفاعل مع هذه القضية، على نحو يكفل حقوق مواطنة متساوية للجميع ،وإعمال حاسم لسيادة القانون، وتفاعل جاد مع جذور المشكلة بأوجها الثقافية والاجتماعية والسياسية فى سياق برامج محدده ومعلنة .
وتوجه اللجنة الشكر لكل السادة الوزراء الذى تعاونوا معها فى أداء مهمتها وفى مقدمتها السادة وزراء الداخلية والإعلام والصحة والسكان، وكذا لكل المواطنين ومؤسسات المجتمع المدنى الذين لم يبخلوا بالجهد والوقت ، والحماس لتزويد اللجنة بشهاداتهم وبكل ما يتوافر لديهم من معلومات أو مستندات أو أفلام من أجل إجلاء الحقائق.
ملحق (1): تقرير لجنة تقصى الحقائق فى أحداث ماسبيرو 9 أكتوبر 2011)
المرجعية القانونية لتقرير لجنة تقصى الحقائق عن أحداث ماسبيرو
تعد المرجعية القانونية لتقرير لجنة تقصى الحقائق عن أحداث ماسبيرو 9/10/2011 خلفية لفهم البيئة التشريعية الحاكمة لتلك الأحداث وإسنادها إلى الإطار القانونى الحاكم والمنظم لها فيما يتعلق بالنصوص الدولية الواجبة التنفيذ فى مصر، متمثلة فى (أ) العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتى صدقت عليه الحكومة المصرية بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 536 لسنة 1981 ونشر بالجريدة الرسمية - العدد 15 – في 15 إبريل سنة 1982، وأصبح قانون من قوانين البلاد إعمالا للمادة 151 من الدستور، و(ب)مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، الصادرة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة – الجلسة العامة 106- 17 ديسمبر 1979 ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين1990 ،وهما الوثيقتان اللتان تحظيان باحترام وتأييد المجتمع الدولى و التشريعات و واللوائح القانونية الوطنية المنظمة. ولكن مع التعارض بين النصوص القانونية الدولية والوطنية فى هذا الصدد من منظور الإتاحة والتقييد والمحاذير والصلاحيات فى استخدام الحقوق الواردة فى كل منهما، ومع اعتبار أن لكل منهما سندا قانونيا ومرجعية فى أولوية التطبيق، يبقى التقرير بصبغته وصيغته الحقوقية مستندا إلى المعايير الدولية فى هذا الصدد بوصفها القواعد الأولى بالتطبيق بما تتضمنه من قواعد أكثر كفالة لحقوق الإنسان.
وتنقسم المرجعية القانونية إلى محورين، يتعلق الأول بالإشارة إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان التى تنظم الحق فى عدم التمييز وحرية الرأي والتعبير والمعتقد وعدم التعرض للاضطهاد بسبب الدين او التمييز العنصرى. وتتناول أيضا قواعد استخدام القوة والأسلحة النارية وفقا للأسس والمبادئ التى حددتها الأمم المتحدة. ويتناول المحور الثانى القواعد القانونية المصرية الواردة فى الإعلان الدستورى والقوانين واللوائح ذات الصلة فى نفس السياق .
المحور الأول : المعايير الدولية ذات الصلة :-
(أ) العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
وقد نص صراحة فى العهد الدولى فى المادة الثانية فقرة 1 منه على تعهد كل دولة طرف في الاتفاقية الحالية باحترام وتأمين الحقوق المقررة فيها لكافة الأفراد ضمن إقليمها والخاضعين لولايتها، دون أى تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك. كما نص فى المادة الثانية فقرة 2 منه على أن تكفل الدولة اتخاذ الإجراءات الدستورية والتشريعية وغيرها لضمان الحقوق الواردة فيه. وتضمنت المادة الثالثة النص على التزام الدولة بان توفر إجراءات فعالة ومنصفة لكل من تنتهك حقوقه بموجب هذا العهد، حتى ولو ارتكب هذا الانتهاك من أشخاص يحملون الصفة الرسمية، وذلك من قبل السلطات القضائية المختصة بالفصل فى الانتهاك محل النظر. كما تتضمن المادة السادسة النص على كفالة الحق فى الحياة وحمايته من الاعتداء التعسفي عليه. وتنص المادة الثامنة عشر النص على الحق في حرية الفكر والضمير والدين والمعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية. وتنص المادة العشرين النص على حظر الدعاية للكراهية الدينية والعنصرية، كما تنص المادة الحادية والعشرين على الحق فى التجمع السلمي ، ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير ما يفرض منها تمشيا مع القانون والضرورة في مجتمع ديمقراطي ، لصيانة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم .
(ب) مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين
تتضمن المادة الأولى من المدونة النص على التزام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ، فى جميع الأوقات ، بأداء الواجب الذي يلقيه القانون على عاتقهم ، وذلك بخدمة المجتمع وبحماية جميع الأشخاص من الأعمال غير القانونية ، على نحو يتفق مع علو درجة المسؤولية التي تتطلبها مهنتهم . ويوضح التعليق المرفق على أحكام تلك المادة فى الفقرة الثانية منه، انه فى البلدان التي تتولي صلاحيات الشرطة فيها السلطات العسكرية، سواء أكانت بالزي الرسمي أو لا ، او قوات أمن الدولة ، يعتبر تعريف «الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين» شاملا لموظفي تلك الأجهزة. وتتضمن الفقرة ج من التعليق، انه يقصد بخدمة المجتمع أن تشمل ، بوجه خاص تقديم خدمات لمساعدة أفراد المجتمع المحتاجين إلى مساعدة فورية لأسباب طارئة ، شخصية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو من أي نوع آخر. وتتضمن المادة الثانية النص على احترام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، أثناء أدائهم لواجباتهم، للكرامة الإنسانية وحمايتها ، والحفاظ على حقوق الإنسان لكل الأشخاص وتوطيدها .وتنص المادة الثالثة على انه لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال القوة، إلا فى حالة الضرورة القصوى وفى الحدود اللازمة لأداء واجبهم . ويتعرض التعليق على هذه المادة فى الفقرة الأولى منه إلى بيان المقصود باستخدام القوة وتفسيره، على انه أمرا يجب أن يكون استثنائيا معقول الضرورة، من اجل منع وقوع الجرائم أو تنفيذا لاعتقال قانونى أو المساعدة على ذلك، دون أن يتعدى هذا الحد، وتتطرق الفقرة الثانية من التعليق على ان الاستخدام للقوة يخضع أيضا لمبدأ التناسب مع الهدف المشروع المراد تحقيقه.
(ح) مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين – 1990:
تنص مجموعة المبادئ الأساسية السالفة فى المادة الأولى منها، على التزام الحكومات وهيئات إنفاذ القوانين باعتماد وتنفيذ قواعد ولوائح بشأن استخدام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين للقوة والأسلحة النارية ضد الأفراد . وعلى الحكومات وهيئات إنفاذ القوانين، لدى وضع هذه القواعد واللوائح أن تضع المسائل الأخلاقية المرتبطة باستخدام القوة والأسلحة النارية قيد النظر بصفة مستمرة .وتتضمن المادة الثانية من المبادئ النص على انه ينبغي للحكومات وهيئات إنفاذ القوانين أن تستحدث مجموعة واسعة قدر الإمكان من الوسائل ، وأن تزود الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين بأنواع مختلفة من الأسلحة والذخائر تسمح باستخدام متمايز للقوة والأسلحة النارية ، ويجب أن يشمل ذلك استحداث أسلحة معطلة للحركة وغير قاتلة لاستخدامها فى الحالات المناسبة ، بغية زيادة تقييد استخدام الوسائل المميتة أو المؤذية للأفراد. وتحقيقا لنفس الغرض، ينبغي أن يتاح للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين التزود بمعدات للدفاع عن النفس ، مثل الدروع والخوذات والصدادات الواقية من الطلقات النارية ، وذلك للتقليل من الحاجة إلى استخدام الأسلحة، أيا كان نوعها. وتتضمن المادة الرابعة من مجموعة المبادئ النص على التزام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ، إذ يؤدون واجبهم ، أن يستخدموا ، إلى أبعد حد ممكن ، وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة والأسلحة النارية ، وليس لهم أن يستخدموا القوة والأسلحة النارية إلا حيث تكون الوسائل الأخرى غير فعالة أو حيث لا يتوقع لها أن تحقق النتيجة المطلوبة .
وتتضمن المادة الخامسة من مجموعة المبادئ النص على انه فى الحالات التي لا مناص فيها من الاستخدام المشروع للقوة أو الأسلحة النارية ، يتعين على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين مراعاة ممارسة ضبط النفس فى استخدام القوة والتصرف بطريقة تتناسب مع خطورة الجرم، والهدف المشروع المراد تحقيقه، و تقليل الضرر والإصابة ، واحترام وصون حياة الإنسان، و التكفل بتقديم المساعدة والإسعافات الطبية فى أقرب وقت ممكن إلى الشخص المصاب أو المتضرر، والتكفل بإشعار الأقرباء أو الأصدقاء المقربين للشخص المصاب أو المتضرر ، فى أقرب وقت ممكن . وتنص المادة السابعة على التزام الحكومات بأن تكفل المعاقبة على الاستخدام التعسفي للقوة أو الأسلحة النارية أو إساءة استخدامها من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ، باعتبار ذلك جريمة جنائية بمقتضى قوانينها . وتنص المادة الثامنة على انه لا يجوز التذرع بظروف استثنائية، مثل حالة عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي طوارئ عامة أخرى، لتبرير أي انحراف عن هذه المبادئ الأساسية.
وفيما يتعلق باستخدام الأسلحة النارية فتنص المادة التاسعة من المبادئ على انه يتعين على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين عدم استخدام أسلحة نارية ضد الأفراد، إلا فى حالات الدفاع عن النفس ، أو لدفع خطر محدق يهدد الآخرين بالموت أو بإصابة خطيرة ، أو لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة تنطوي على تهديد خطير للأرواح ، أو للقبض على شخص يمثل خطرا من هذا القبيل ويقاوم سلطتهم ، أو لمنع فراره ، وذلك فقط عندما تكون الوسائل الأقل خطرا غير كافية لتحقيق هذه الأهداف . وفى جميع الأحوال، لا يجوز استخدام الأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنبها من أجل حماية الأرواح .وتأتى المادة العاشرة فى ذات السياق وتتضمن النص على انه فى الظروف المشار إليها فى المبدأ التاسع ، يتعين على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين التعريف بصفتهم هذه وتوجيه تحذير واضح يعلن عزمهم على استخدام الأسلحة النارية مع إعطاء وقت كاف للاستجابة للتحذير ، ما لم يعرضهم ذلك لخطر لا مبرر له ، أو ما لم يعرض أشخاصا آخرين لخطر الموت أو الأذى الجسيم ، أو ما يتضح عدم ملائمته وجدواه تبعا لظروف الحادث. وفيما يتعلق أيضا بحفظ الأمن والنظام فى التجمعات غير المشروعة، يتضمن المبدأ الثالث عشر النص على انه على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ، عند تفريق التجمعات غير المشروعة ، وخاصة الخالية من العنف ، أن يتجنبوا استخدام القوة ، أو إذا كان ذلك غير ممكن عمليا ، أن يقصروه على الحد الأدنى الضروري. كما يتضمن المبدأ الرابع عشر النص على انه لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يستخدموا الأسلحة النارية لتفريق التجمعات التي تتسم بالعنف إلا إذا تعذر عليهم استخدام وسائل أقل خطرا ، وعليهم أن يقصروا استخدامها على الحد الأدنى الضروري . ولا يجوز لهم أن يستخدموا الأسلحة النارية فى هذه الحالات إلا حسب الشروط المنصوص عليها فى المبدأ التاسع.
المحور الثانى : القواعد القانونية الواردة فى الإعلان الدستورى والقوانين واللوائح ذات الصلة:
(أ) الإعلان الدستورى :
تناولت المادة 12 من الإعلان الدستورى النص على كفالة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية الرأي مكفولة ، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى .كما نصت المـــــــادة السادسة عشر من الإعلان الدستورى على انه للمواطنين حق الاجتماع الخاص فى هدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة إلى إخطار سابق. ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة فى حدود القانون .
(ب) قرار وزير الداخلية رقم 156 لسنة 1964:
أجاز القرار الوزاري المشار إليه إطلاق النار على المتظاهرين بغرض تفريقهم، إذا لم يمتثلوا للأوامر الصادرة إليهم بالتفرق، وبعد إتاحة الفرصة للمتظاهرين بالتفرق من مكان التجمهر. كما نظم إطلاق النيران بحيث يكون متقطعا لإتاحة الفرصة لفض التجمهر. ويتم إطلاق النيران من بنادق الرش صغيرة الحجم، فإذا لم تجد فى فض التجمهر استخدمت الأسلحة النارية ذات الرصاص فالأسلحة سريعة الطلقات عند الاقتضاء.
(ج) القانون 109 لسنة 1979 بشأن هيئة الشرطة:
سمحت المادة 102 لرجال الشرطة باستعمال القوة بالقدر اللازم لأداء واجبهم إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب، كما خولت لهم هذا الحق لفض التجمهر أو التظاهر الذي يحدث من خمسة أشخاص على الأقل، إذا عرض الأمن العام للخطر، وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق. ويصدر أمر استعمال السلاح في هذه الحالة من رئيس تجب طاعته.ويراعى في جميع هذه الأحوال الثلاثة السابقة أن يكون إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأغراض السابقة، ويبدأ رجل الشرطة بالإنذار بأنه سيطلق النار، ثم يلجأ بعد ذلك إلى إطلاق النار. ويحدد وزير الداخلية بقرار منه الإجراءات التي تتبع في جميع الحالات وكيفية توجيه الإنذار وإطلاق النار.
(د) القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقرار الجمهوري بقانون رقم 87 لسنة 1968
جرمت المادة الأولى من القانون التجمهر المؤلف من خمسة أشخاص على الأقل، إذا كان من شأنه أن يجعل السلم العام فى خطر وأمر رجال السلطة المتجمهرين بالتفرق. ونصت المادة الثانية منه على انه إذا كان الغرض من التجمهر ارتكاب جريمة ما أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح، أو إذا كان الغرض منه التأثير على السلطات فى أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل، سواء كان ذلك التأثير أو الحرمان باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها، فكل من اشترك فى التجمهر وهو عالم بالغرض منه أو علم بهذا الغرض ولم يبتعد عنه، فان فعله يمثل جريمة، وتشدد العقوبة لمن يكون حاملاً سلاحاً أو آلات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة.وتنص المادة الثالثة أيضا على أن تشدد العقوبة إذا استعمل المتجمهرون السلاح أو القوة أو العنف. وفى حالة حمل الأسلحة أو الآلات المشابهة لها، وإذا وقعت جريمة بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر فجميع الأشخاص الذين يتألف منهم التجمهر وقت ارتكاب هذه الجريمة يتحملون مسئوليتها جنائيا بصفتهم شركاء إذا ثبت عليهم بالغرض المذكور.
وتنص المادة الثالثة مكرر على انه يرفع إلى الضعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة لأية جريمة إذا كان مرتكبها أحد المتجمهرين المنصوص عليهم فى المادتين الأولي والثانية، على أن لا تتجاوز مدة السجن عشرين سنة.كما تنص على أن تكون العقوبة السجن أو السجن المشدد إذا خرب المتجمهر عمداً مباني أو أملاكاً عامة مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها أو شركات القطاع العام أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام.ويحكم على الجاني فى جميع الأحوال بدفع قيمة الأشياء التي خربها. وتنص المادة الرابعة من القانون على انه يعاقب مدبرو التجمهر الذي يقع تحت حكم المادة الثانية من هذا القانون بنفس العقوبات التي يعاقب بها الأشخاص الداخلون فى التجمهر ويكونون مسئولين جنائياً عن كل فعل يرتكبه أي شخص من هؤلاء الأشخاص فى سبيل الغرض المقصود من التجمهر ولو لم يكونوا حاضرين فى التجمهر أو ابتعدوا عنه قبل ارتكاب الفعل.
(ه) القانون رقم 14 لسنة 1923بتقرير الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وبالمظاهرات فى الطرق العمومية:
نص القانون على كفالة الحق فى التظاهر مادة 1، ولكنه الزم منظمي التظاهر بالإخطار السابق عن التظاهر حتى يسمح به المادة 3 الفقرة 3. كما منح لسلطة البوليس منع الاجتماع إذا كان يمثل اضطراب فى الأمن العام أو النظام العام المادة 4 الفقرة 1 ويجوز لمنظمي التظاهر أن يتظلموا إلى وزير الداخلية من أمر المنع المادة4 الفقرة4. وللبوليس سلطة حضور التظاهرات لحفظ النظام مادة 7 فقرة ألف. ويجوز له حله إذا خرج الاجتماع عن الصفة المعينة له فى الإخطار المادة السابعة بند 2 أو إذا ألقيت فى الاجتماع خطب أو حدث صياح أو أنشدت أناشيد مما يتضمن الدعوة إلى الفتنة أو وقعت فيه أعمال أخرى من الجرائم المنصوص عليها فى قانون العق