تعزية لاُسر شهداء ومُصابي ماسبيرو**

++إلي أمجاد المجد++

إن حبة الحنطة إذا دُفنت في الأرض لا تموت بل تحيا وتقوم من جديد في ثوب جديد "إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمُت فهي تبقي وحدها .ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير"(يو 24:12 ) .


ومن ثم , فالشــــــهداء عندما يسقطون في أرض الاضطهاد ويرونها بدمائهم يصيرون بل وسيظلون بذور للكنيسة. إلا أن أرض الاستشهاد ستظل تئن تحت وطأة العذابات التي قاسها بكر أبكار الشــــــــــهداء منذ ألفي عام ,فتجاوبت الكنيسة مع هذه الأنات وقدمت أعضاء جسدها طوعاً علي مذبح المُحرقةً لكيما تكتوي بنار الاضطهاد بل وتُعلن تحديها للموت "أين شوكتك يا موت ؟ أين غلبتِك يا هاوية".ولذا فإن صورة المسيح الحقيقية لا يمكن أن تُضيء بلمعانها كما في أوقات الاضطهاد حين يعلن قوة محبته العظيمة.وعلي ذلك فأنه في كل جيل كل نفس تمت علي الصليب (أي الاستشهاد) فهي تكون سبب حياة وبركة لكثيرين.


بل إنه أمر عجيب حقاً أن تكون لنا شركة آلامه.(في10:3) وهذه تعني الألم مع المسيح لأجل كنيسته ,ولأجل مختاريه.ولأجل أولئك الذين يطلبون الرب , ولأجل أولئك الذين إرتدوا عنه أو يعيشون في تمرد ضده .أن الدموع التي نذرفها في وقت الاضطهاد,والآلام القاسية التي نجتاز فيها سوف تأتي بالكثيرين إلي المسيح حتي يصلوا معنا إلي المجد الأبدي.فالألم لأجل المسيح ملك الملوك له نتائج عظيمة جداً ,فكلما زاد الألم وكثر عمقه , كلما زادت الثمار العجيبة وزاد المـــــجد وبالتالي فإن الألم الذي يُحتمل في وقت الاضطهاد ستكون له ثمار لا حدود لها .


إن المسيح له المجد بسبب حبه العظيم لنا شاركنا الآمنا ,ونحن بدافع الشكر العميق لكل ماأحتمله لأجلنا نتألم لأجله. فإذا نظرنا من الخارج نجد النفس المصلوبة (أي التي استشهدت) ليس فيها صحة ولا منظر , من أعلي الرأس إلي أسفل القدمين ,مضروبة , مجروحة .... , ولكن إذا نظرنا إليها بعين الايمان نجد السر الإلهى العجيب يتجلى فى تلك النفس, إذ منها تخرج الحياة والأمل والرجاء لمن حولها, ... وهذا هو سر مسيحنا. سر الصليب المخفى عن أعين العالم, ولكنه ظاهر يقيناً لنا نحن المسيحيين الذين نملُك المسيح بداخلنا. فإن كان يقيناً بدون أى شك فى أن المسيح له المجد سيكافئ كل من يقدم كأس ماء بارد فكم بالحرى ستكون المكافأة أعظم لكل من يجوزون أتون الإضطهاد والعذاب من أجله ؟.




ففيما يتعلق بالأبدية فهو الشئ المهم, فلا توجد كلمات تستطيع أن تُعبرُ عما ينتظرنا فى السماء, فإن كنا قد تألمنا لأجل المسيح له المجد فى هذه الحياة, فهناك سنُعاين وجهه وسيغمر قلوبنا الفرح. إن آبائنا الرسل على هذا الرجاء حين قابلوا صعاباً عظيمه والآلاماً جسيمة كانوا دائماً فرحين " كما إشتركتم فى آلام المسيح, إفرحوا لكى تفرحوا فى إستعلان مجده " ( 1بط 4 : 13). إن السماء حقيقةًً وهى تنتظر وصولنا إليها, إن آلام الزمان الحاضر سوف تنتهى, لكن لا نهاية للمجــــــــد المُعد لنا فى السماء, فإن كنا نعيش وقلوبنا ونفوسنا فى السماء حيث رب المجد فإننا سوف نستطيع أن نحتمل الألم فى وقت الإضطهاد لأن الرجاء وإنتظار الفرح يُعطينا قوة للإحتمال.


فحين يتدخل يسوع له المجد, فإن أهل الشغب وجماعة الإرهابيين الذين يُهاجموننا لن ولن يستطيعوا أن يؤذونا, بل وحين يأتى الوقت للبعض منا أن يضعوا حياتهم لأجل يسوع, فإننا سوف نصادف معجزة إلهية كما فى حالة استفانوس شهيد المسيحية الأول, إن بولس رسول الجهاد عرف هذا المجــــــــد بل صعد بالروح إلى أمجـــــــــــــاد المجد, لذلك رأيناه يشتهى الإنطلاق إليه ليكون مع المسيح لأن ذلك أفضل جداً (فى 1 : 23). وأيضاً ما أروع ما قاله القديس يوحنا فم الذهب عندما نفته الأمبراطورة أقدوكسيا, فقال " إن نفتنى الملكة فالأرض بكاملها للرب ولمسيحه, وإن قطعت رأسى فلى في يوحنا المعمدان أكبر مُعزى, وإن نشرت جسمى بالمنشار فلى أسوةً بأشعياء النبى, وإن رجمتنى بالحجارة فلى أسوةً باستفانوس اول الشهداء, وإن أغتصبت مالى فعرياناً خرجت من بطن أمى وعرياناً أعود الى هناك, وإن ألقتنى فى البحر فسواءً سافرت عن طريق البر أو عن طريق البحر فأنا واثق أنى مسافر الى حيث حبيبى يسوع " !!


فإجعلنا يارب دائماً فى إحتمالنا للآلام نركض مُسرعين نحوك بل ومثبتين أنظارنا إليك لنأخذ القوة التى تُعيننا على إحتمال الألم بل ونأخذ البصيرة الروحية لنعرف نوع المكيدة ونوع الحرب التى يشنها علينا عدو الخير. ولا تجعلنا يا رب ننظر تحت أقدامنا حيث الأشواك تملأ الطريق بل نترك الأشواك ...... وغيرها تفعل ما تشاء بأجسادنا لأنها لن ولن تنال من أروحنا شيئاً ....... بل ننظر إليك يا حبيب أنفسنا وننتظر وعودك الأمينة.


فمسيحنا باقى وقادر, فأبواب الجحيم لن تقوى عليها, فإلى أمجاد المجد يا شهداء ماسبيرو.


+ من أعماق الأرض إلى قمة المجـــد +

+ من الدنيا الشقية إلى السماء الهنية +

+ من ظلمات الحياة إلى نور السمــاء +

+ من الموت إلى الحيـــــــــــــــــــــــاة +

+ من التعب إلى الراحـــــــــــــــــــــــة +

+ من الآلام إلى الأمجـــــــــــــــــــــــاد +

من دنيا المفاجأت والمؤامرات

إلـــــــــى

دنيا الحب والسلام وملكوت السموات
من كتاب " إلى قمة المجد " للراهب يحنس المحرقى

تعزياتى القلبية لأُسر شهداء ومصابى ماسبيرو