أبونا عبد المسيح المناهرى  Abona20Abd20El20Meseeh


طفولته - شبابه

ولد حوالي سنة 1892
م فى قرية أبو شحاتة مركز مطاي، محافظة المنيا من أبوين مسيحيين وتسمى
باسم سمعان وإسم أبيه حنين وإسم أمه إستير ... تعلم الكتابة والقراءة لا
فى مدرسة ولا فى كتاب القرية وإنما إجتهادياً؛ كان يعمل مع والده حنين فى
الزراعة وتربية المواشي من جمال وغنم وخلافه وقد كان الرب معه يبارك فى كل
ما تمتد إليه يده كما تتلمذ على يد أحد رهبان دير القديس الأنبا مكاريوس
الكبير ، ولقد نبغ بلوغاً عجيباً فى دراسة الكتاب المقدس وكان يحفظ بعض
أسفاره عن ظهر قلب .


كان يشتاق لحياة
الرهبنة فكان يذهب أياماً كثيرة لدير الأنبا صموئيل المعترف بجبل القلمون
ولكن لشدة إحتياج والده إليه إذ لم يكن لهم أولاد سواه كان أبوه يذهب
ويحضره معه وفى كل مرة كان يفعل ذلك كان يموت لأبيه عدد كثير من المواشي
بطريقة مؤلمة ومذهلة ، وفى أحد المرات بعد أن أخذه والده أحضر له إنسانة
شريرة من اللاتي يتنقلن فى البلاد وحبسها معه فى حجرة واحده وإتفق معها
على مبلغ معين إذا أسقطته معها فى الخطية ظناً منه أنه بهذه الوسيلة
الشريرة يجعل ابنه يرجع عن فكرة الرهبنة ويتزوج ويعيش معه، ولقد حاولت
المرأه الشريرة معه كثيراً وأخيراً أمسكته وحاولت إغراءه فما كان منه إلا
أن قال لها : (إبعدي عني جااك وجع بطنك)

]وفى الحال بدأت
تصرخ من شدة الآلم وتقول : بطني بطني بها جمرة نارن إعملوا معروف يا ناس
خلو ولدتكم يسامحنين أنتم تسببتم فى عذابي، إتركوه بحريته حرام عليكم وبعد
جهد ومحاولات شديدة سامحها فشفيت فى الحال.

وبعد المحاولات
الكثيره لإقناعه قال الآب : يا إبني أنت ولدي الوحيد ولا يوجد عندي أولاد
ذكور غيرك فعلى من تتركني ووالدتك وإخوتك؟ فقال له سمعان : وإذا أعطاك
الرب ولد غيري تتركني أذهب للدير؟ فوافق والده على هذا الشرط وفعلاً اعطاه
الرب ولداً وأسماه حنا.





رهبنته - جهاده - فضائله

]وبعد أن أدرك
والدته أن هذه هى مشيئة الله أن يترك العالم ويترهب، فتركه بحريته فذهب
إلى دير القديس أنبا مقار وهناك عاش فى هدوء ووداعة متمثلاً بسيده يسوع
المسيح الذى قال "تعلموا مني لأني ويع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم"
، كما كان مواظباً على على قراءة الكتاب المقدس وكتب الآباء النساك
نهاراً وليلاً وقلما تجده فى أي وقت ولا يوجد معه أنيسه من الكتب الروحية
.... وقد تتلمذ على يد القمص عبد المسيح المسعودي متعلماً منه الفضائل
ومتخذاً منه مُرشداً روحياً وأب إعتراف يلتجأ إليه.


]كان يقتات من
الفتات المتساقط من مائده الدير ويبللها فى الماء أو أي نوع من المطبوخات
البقولية أو الخضار إذا وجد ويأكل مرة واحدة فى اليوم من المساء إلى
المساء فقط.

]ظل يتدرج فى
الفضائل والقداسة فقد كان يربط حبلاً فى سقف قلايته، ويربطه فى وسطه وتحط
الأبط، ويقف يصلي الليل كله (إقتداء بالقديس الأنبا بيشوي) حتى إذا غلبه
النوم يمسكه الحبل لئلا يقع على الأرض، أو يربط إطار منخل بالحبل ويدخلها
تحت زراعيه ويشد الحبل فتمسكه أيضاً لئلا يقع ويستمر فى صلاته طول الليل
وكان يمكث على هذه الحال فى بعض الأحيان ثلاثة أيام مقتدياً بجهاد القديس
الراهب تادرس المقاري لأنه عاصره فى بداية رهبنته بالإضافة إلى تلمذته على
القمص عبد المسيح السعودي ووجوده مع الراهب تادرس فتره فى القدس.

وعندما وصل إلى
مستوى عال فى القداسة أراد أن يخفي فضائله وطريقته التى كان يسلكها عند
الناس عملاً بقول السيد المسيح " متى فعلتم ما أمرتم به فقولوا أننا عبيد
بطالون" وكما قال أحد الآباء (الفضيلة إذا ظهرت سرقت ونهبت من المجد
الباطل) فلهذا بدأ يستعمل الجنون والعبط فى كل تصرفاته وأحاديثه بأساليب
متنوعه لكي يبعد إلتفاف الناس من حوله ؛ حتى لا يعطلوه عن واجباته فلا
ينكشف أمره وذلك ببعض ىألفاظ غريبة عن السلوك الرهباني مثل : "أنا عاوز
أتجوز" وإن كانت هذه الوسيلة تنفع مع البعض ومع أفراد معينيين ولكنها لا
تصلح مع الجميع ولا لبنيان الكنيسة.

]يقول المرحوم
المعلم جرجس مرتل كنيسة العذراء المناهرة أن أبونا عبد المسيح المناهري
(المقاري) عندما كان يشعر بالروح إن أنا محتاج يستدعيني ويقول تعال يا
جرجس عدي الترعة الصغيرة وإبحث عن الموسوسين (عمق الترعة متر وعرضها
مترين) فأعبر الترعة وأعود ثانية فيقول ليَّ : وجدتهم أقول له غير موجودين
فيقول ليَّ خد أجرتك وروح ما داموا غير موجودين. كما كان يأخذ الأطفال
الصغار اليتامى ويقول لهم تعالوا إشتغلوا عندي وطبعاً هم قد تعودوا على
أسلوبه، فيحضر ثلاثة أو أربعة منهم كطلبه فيقول لهم تعالوا ندور على
الموسوسين ونشوفهم فين ويدور بيهم لمدة خمسة دقائق ثم يقول لهم قولوا
الراهب الأسود الشحات فيقولوا ولكن بصوت خافت (واطي) من الخجل وبعد ذلك
يقولهم خدوا أجرتكم ماداموا غير موجودين.

]تقول السيدة همة
سيد خليفة كنت فى مرة ماشية أمام حجرة أبونا عبد المسيح وكانت بها طاقة
(نافذة) صغيرة مرتفعة عن الأرض حوالي متر ونصف وإنني طليت برأسي من الطاقة
وكان أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري) نائماً فرآيت وجهه منيراً
كاللمبة وأصابع يديه العشرة مولعة كالشمع ثم مشيت وبعد نصف ساعة خرج وسد
الطاقة لكي لا يراه أحد وهو نائم أو يصلي وقالت إنني لم اقل لأحد عما رآيت
إلا بعد ما سد الطاقة وتحجج بأن الثعابين والضفادع تدخل من الطاقة.

أبونا القس عبد المسيح المقاري (المناهري) ودير أبو سيفين للراهبات
قبل أن يستوطن فى
قرية المناهرة كان يتردد على أديرة الراهبات بمصر القديمة وحارة زويلة؛ أن
أبونا عبد المسيح المقاري كان يتردد كثيراً علي أديره الراهبات فنظر
راهبة تعتني بنفسها فى الأكل والملبس والنظافة الجسدية بطريقة تخالف بساطة
الرهبنة وتقشفها، وأراد نصيحتها بطريقته التى لا تصلح مع غيره، فكان كل
ما وجدها يقول لها (أنا عايز أتجوزك) فكانت الراهبة تنفر منه وتتضايق من
كلامه، وكانت تخاف منه، فذهبت وحدثت رئسة الدير بما صدر منه لها فإستدعت
الرئيسة ثلاث راهبات ورسمت لهن خطة،


]فأمرت بوضع ستارة
على السرير (ملاية) تستر كل جوانبه وأن تختبىء تحته الراهبات الثلاث،
وأوصت الراهبة أن تقول له عاوزه أعترف وعندما يدخل قلايتها تقول له عاوزه
أتجوزك زي ما قلت.

ولقد نفذت الراهبة
الخطة، وعندما دخل قلايتها فقالت له: (تعال نتجوز بعض أنا وأنت) فقال لها :
(أتركي الموضوع لبكرة) ثم طلبت منه بإلحاح فلم يستجب لها وقال: بكرة ؛
ولما رآى إصرار الراهبة بدأ يُغير حديثه معها وأخذ يعظها : حرام عليكِ
أنتِ راهبة خلى جسدك طاهراً لأن الرسول بولس بيقول فى رسالته الأولى لأهل
كورنثوس : "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم. إن كان أحد
يفسد هيكل الله فسيفسده الله لأن هيكل الله مقدس" ثم قال لها : ,كمان أنا
راهب وبعدين ربنا يغضب علينا بسبب عهد البتولية إللي قطعناه معاهن أحسن
تروحي النار؛ إلبسي هدوم فقيرة وبلاش التزين الذى لا يتفق مع حياة
الرهبنة.

وفى هذه اللحظة
خرجت الراهبات الثلاث من تحت السرير وقالوا شهدنالك يا أبونا عبد المسيح،
فتظاهر بالزعل وأخذ يقول: أنا كنت عايز أتجوزها وستى العذرا ها أمشي ومش
هقعد معاكم تاني . ثم قام فى الحال ولم يدخل الدير مرة أخرى.






]أبونا عبد المسيح المقاري (المناهري) والبابا يؤانس التاسع عشر


وعندما سمع البابا
يؤانس التاسع عشر على كرسي مارمرقس الرسول عن القس عبد المسيح المناهري
وعن فضائله فطلبه ليكون أب إعتراف له وتمهيداً لرسامته مطراناً وعندما مثل
بين يدي البابا،


بدأ البابا يلاطفه
ببعض كلمات المحبة والتقدير والإحترام، فرحاً برؤيته كعادته المعروفه عنه
بحبه للرهبان أصحاب السمعة الطيبة، وإذا بأبونا عبد المسيح المناهري
(المقاري) يتظاهر أمامه بالهبل لكي يحول نظر البابا عنه ولكي يتخلص هو من
محبة الرئاسة خوفاً من وقوعه فى خطية الكبرياء والصلف .... ثم قال للبابا
يؤانس التاسع عشر ما لم يخطر على باله، وكلمات لم ينتظرها من شخص سمع عن
فضائله الكثير والكثير جداً

وذلك بقوله
للبطريرك: (أنت متجوز أمي وأنا كمان عاوز أتجوز) وطبعاً كان أبونا عبد
المسيح المناهري (المقاري) كان يقصد بزواج البابا من أمه هو زواجه
بالكنيسة بإعتبارها أمه الروحية.

وعندما سمع البابا
يؤانس هذه العبارة لم يفهم قصده فطرده من أمامه بقوله : إمش من هنا أنا
كنت فاكرك قديس ولكنك مجنون .... فخرج أبونا عبد المسيح من أمام البابا
فرحاً متهللاً بتخلصه من مسؤلية قد تكون سبباً فى هلاكه إذا توانى فى
واجباتها ثم إستمر من تلك اللحظة فى إدعاء الجنون والعبط تخلصاً من مديح
الناس ومن المجد الباطل. وإن كانت هذه الوسيلة تنفع مع البعض ومع أفراد
معينيين ولكنها لا تصلح مع الجميع ولا لبنيان الكنيسة.






]أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري) من السواح

لا شك أن أبونا عبد
المسيح المناهري (المقاري) كان من الآباء السواح رغم وجوده فى وسط
العالم، فيقول القمص ميخائيل الأثيوبي أنه رآى أبونا عبد المسيح المناهري
(المقاري) طائراً فى الأجواء العليا عن الأرض ...
[/size]
كنت أسكن بدير
السريان بوادي النطرون وكان أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري) يسكن
هناك أيضاً وقد نزلنا نحن الإثنين أجازة لمدة قصيرة ثم عاد كل منا فى طريق
بعيد عن الآخر فأنا رجعت إلى الدير عن طريق الخطاطبة (خط المناشي)
بالدواب مع متعهدي القافلة الخاصة بتوصيل مؤونة للدير أما أبونا عبد المسيح
المناهري (المقاري) فعاد طائراً فى الجو؛ ورآينا ذلك عندما جلست ورجال
القافلة نتناول طعام الغذاء فى منتصف الطريق بعد مسيرة خمس ساعات بالجمال،
فنظرت طائراً أشبه بغراب أسود آتياً علينا على إرتفاع حوالي مائة متر عن
الأرض وعلى بُعد كيلو متر تقريباً ثم رآيت الطائر نزل من العلو ومشي على
الأرض على شكل إنسان ولكنني لم أتحقق المنظر من البعد، رغم بُعده كان
ملفتاً للنظر، فوجهت نظري نحوه بصفة دائمة للتأكد وكان كل ما إقترب منا
يزداد وضوحاً فيزيد ترقبي إليه حتى أصبحت المسافة بيننا وبينه تقاس
بالأمتار وعند وضوح الرؤية وجدته الآب عبد المسيح المناهري (المقاري)
مقبلاً علينا فإندهشت وسألته بقولي : من أين جئت با أبونا عبد المسيح؟
فتظاهر بالإعياء الشديد من تعب المشي طوال المسافة وقال : جاي من الخطاطبة،
ومن تسرعي قلت له : يا أبونا عبد المسيح أنا شايفك فى الجو وجاي علينا،
إذكرني فى صلاتك .... فثار وتظاهر بالغضب وقال ليَّ: يا حبشي يا أسود أنت
شفتني طاير، مش قاعد معاكم، ثم رجع من حيث أتى متجهاً نحو الخطاطبة حتى غاب
عن نظرنا ثم بعد ذلك قمنا واتجهنا نحو الدير بإتجاه يخالف طبعاً إتجاه
الخطاطبة، فالإتجاه إلى الدير غرباً والخطاطبة شرقاً فوصلنا الدير بعد
حوالي خمس ساعات فوجدناه هناك ومع أن اتجاه كلينا يخالف الآخر، فسألت
الآباء عن وقت وصوله فقالوا ليَّ حوالي خمس ساعات، يعني بعد غيابه عنا
بدقائق .





]أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري) وقداسة البابا كيرلس السادس


فى سنة 1957 م كنت
فى زيارة (أبونا لوقا"الأنبا مينا مطران جرجا وتوابعها المتنيح") أبونا
عبد المسيح المناهري بقرية المناهرة فكلفني برسالة أبلغها إلى القمص منصور
البرموسي(الأنبا إيساك مطران الغربية المتنيح) وكان يقيم وقتها مع القمص
مينا المتوحد (البابا كيرلس السادس) بمصر القديمة وعندما وصلت هناك وجدت
القمص مينا جالساً فى حجرة بسيطة لإستقبال الزائرين ومعه القمص مكاري
السرياني(الأنبا صموئيل المتنيح أسقف الخدمات العامة والاجتماعية)
[/size]

وكانت معرفتي
بالقمص مينا فى ذلك الوقت ضعيفة مجرد سماعنا عن بعضنا فقط، فسألت القمص
مينا عن القمص منصور وعرفته أنني أحمل إليه رسالة من أبينا عبد المسيح
المقاري العبيط وعند سماعة اسم القديس قال بلهفة : هو فين؟ وهل أبونا عبد
المسيح يعيش إلى الآن؟ فقلت له نعم يا أبي موجود على قيد الحياة وبصحة
جيدة فقال بلهفة أشد من الأولى: وفى أي مكان؟ فقلت له فى قرية المناهرة
مركز مطاي، فقال ليَّ: بركة صلواته تكون معانا ..... وهنا سألته: هل تعرفه
يا أبانا؟؟؟؟ فأجاب بقوله: أعرفه وأعرف عنه الكثير وكنت متتلمذاً عليه
عندما كان ساكناً فى دير البرموس ؛ فرجوته أن يذكر ليَّ شيئاً مما يعرفه
عنه وقلت له أنني في حيرة من أمر هذا الرجل فقال: يا أبونا لوقا أبونا عبد
المسيح قديس عظيم، ولكنه يتستر فى العبط وهو من الآباء السواح ودائماً
يصلي معهم أنا كنت فى ليلة من الليالي قد عملت القربان وكان ابونا عبد
المسيح ساكناً معنا بدير البرموس، فقمت لأطمئن هل القربان إختمر أم لا؟
وكان حوالي منتصف الليل وكان لابد ليَّ من المرور أمام قلايته فسمعت
أصواتاً كثيرة بداخلها ترتل ألحان التسبحة بنغمة شجية معزية ودفعني حب
الإستطلاع أن أنظر من بين ألواح بابا القلاية لآرى مَن مِن الرهبان يُلحن
معه التسبحة فرآيت نوراً ساطعاً وهاجاً لا مثيل له فى الدير فتحيرت فى
الأمر وقلت فى نفسي هل الرهبان تركوا قلاليهم وأتوا ليسبحوا مع أبينا عبد
المسيح وأخيراً دفعني حب الإستطلاع بكيفية لم أستطع التغلب عليها فطرقت
بابه وإذا بالأنوار تنطفيء والأصوات تختفي والظلام يسود القلاية ثم خرج
أبونا عبد المسيح وتظاهر بأنه كان نائماً وبدأ يمسح عينيه كأنه يريد أن
يطرد النوم عنهما وقال بلهجة تظاهر فيها بالغضب أنا نائم وهل يصح أن تقلقني
وأنا مستريح وهل دي أصول الرهبنة؟؟؟ فقلت له: أخطأت يا أبي حاللني فقال
الله يحالك بس متعملش كده تاني، فقلت له سمعاً وطاعة ومشيت من أمامه لكن حب
الإستطلاع دفعني ثانية وبشدة فإبتعدت قليلاً عن قلايته وتواريت خلف نخلة
كانت أمامها لآرى من سيخرج من قلايته من الرهبان الذين كانوا يسبحون معه
وأخذت أترقب بإنتباه حتى ضرب جرس التسبحة حوالي الساعة الثانية بعد منتصف
الليل، فخرج هو بمفرده وذهب إلى الكنيسة فدخلت قلايته فلم أجد فيها أحداً
وكان يتركها مفتوحة بإستمرار وما كان يوجد بها غير الحصيرة التى كان ينام
عليها ولقد راقبت قلايته عده ليال زيادة فى التأكد فكنت أسمع نفس الأصوات
فى أغلب الليالي وآرى النور الساطع بين ألواح باب القلاية كما فى المرة
الأولى ولكني لم أقرع بابه طاعة لأمره وقد تكرر معي هذا المنظر عده مرات
فعلمت يقينا أن أبانا عبد المسيح كان يصلي مع السواح

وبعد أن تولى قداسة
البابا كيرلس السادس المنصب البابوي بفترة وجيزة زرته فى المقر البابوي
فسألني عن أين القس عبد المسيح وعن المكان الذى يقيم فيه، وكنت ألاحظ عليه
أثناء سؤاله أنه مشتاق أن يراه ولهذا تعمد أن يزور قرية المناهرة ضمن
زياراته لبلاد إيبارشية بني سويف والبهنسا ووضعها فى برنامجه ولم يعرف أحد
هدف غبطته من زيارة المناهرة إلا بعدها أنه كان يريد لقاء أبينا القس عبد
المسيح لنوال بركته وطلب دعواته... فبعد وصول قداسته لقرية المناهرة دخل
إلى الكنيسة وعند باب الهيكل لصلاة الشكر دخل أبونا عبد المسيح بعده وعند
دخوله الهيكل أراد الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف منعه وجرح شعوره بقوله
"الريف عماك" وقال له : أوع تدخل الهيكل لئلا البابا يجردك من الرهبنة
لأنك لم تنفذ قراره بعودة الرهبان إلى أديرتهم. فل يبال بكلامه ودخل وسلم
على البابا وهنا حدث العجب، أن البابا كيرلس السادس صاحب الشهرة العالية
فى القداسة والروحانية ينحني ويقبل يد أبونا عبد المسيح، فبمجرد أن رآه
أمسك يده وشدها نحوه وأخذ يقبلها فإندهش الحاضرون عندما رآوا البابا
القديس يصغر أمام الراهب القس عبد المسيح المناهري ويشد يده ويقبلها عدة
مرات ثم وهو خارج ن الكنيسة قال غبطته لأبونا عبد المسيح : صل من أجلي يا
أبونا عبد المسيح، فقال له أبونا عبد المسيح : أنا أصلي من أجلك يا خويا،
وأنت معاك المسيح كله .






أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري) والأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا المتنيح


يتحدث سكان المنهرة
وشعب مطاي ويقولون عندما زار البابا كيرلس السادس قرية المناهرة، دخل
أبونا عبد المسيح الكنيسة ليُسلم على البابا فمنعه الأنبا أثناسيوس وجرح
شعوره بقوله "الريف عماك" وكان ذلك أمام المصلين بالكنيسة ثم قال له أوع
تدخل أحسن البابا يجردك من الرهبنة لأنك لم تنفذ قراره بعودة الرهبان
لأديرتهم وبعد خروج البابا من الكنيسة وإتجاهه إلى مطاي
[/size]

وقف القديس على
ترعة الإبراهيمية بمفرده وأمسك طوبة من الأرض وأخذ يرميها فى الترعة ويقول
ك أنت يا أثناسيوس تشتمني قدام الناس وتقول الريف عماكن أنا ها أبطحك .
[/size]
فالذين لاحظوا هذه
الحركة ظنوه يتعابط كعادته وقد حدث العجب أن الأنبا أثناسيوس قرب مطاي
جاءته طوبة فى جبهته لا يعلم مصدرها ثم بعد نزوله من السيارة وهو داخل
فناء الكنيسة الخارجي ويقول القمص منقريوس وكيل بني مزار أن الأنبا
أثناسيوس إصطدم بشجرة كبيرة فى فناء الكنيسة ووقع على الأرض فرفعه الذين
حوله وعندما فاق من الصدمة قال له قداسة البابا كيرلس السادس عملها معاك
أبونا عبد المسيح، وحينذاك طلب أبونا عبد المسيح ليسامحه فذهب الأستاد مسعد
صاحب جريدة الفداء لأنه كان موجوداً فى ذلك الوقت إلى حيث مكان أبونا عبد
المسيح بالمناهرة ليحضره معه فإعتذر أبونا عبد المسيح لأن الوقت كان
ليلاً وقال للأستاد مسعد أنا مسامحه فرجع الأستاد مسعد إلى الأنبا
أثناسيوس وبلغه ما حدث حتى إستراح ضميره.






]أبونا عبد المسيح المناهري وأبونا لوقا (الأنبا مينا مطران جرجا المتنيح)


كنت فى زيارة
"أبونا لوقا (الأنبا مينا مطران جرجاً المتنيح" بقرية المناهرة لأبونا عبد
المسيح المناهري وذلك بعد نياحة البابا يوساب الثاني لقصد الإعتراف ولأقص
عليه صوتاً سمعته بين النوم واليقظة وكان إلى ثلاث مرات، بخصوص البابا
المقبل، والصوت قال ليَّ (لا تشغل بالك بالبابا المقبل فهو مينا المتوحد)
وذلك بعد صلاة طويلة أقمتها لكي يختار الرب من بين الرهبان حسبما تقضي
قوانين الكنيسة، فلما وصلت عند أبونا عبد المسيح قلت له يا أبونا عبد
المسيح أنا سمعت صوتاص بخصوص البابا المقبل وقبل أن أذكر له شيئاً عما
سمعته قاطعني بقوله : هو إللي جاي بطريرك المتوحد الطويل أبو دقن طويلة،
فدهشت لأنه عرف سراً لم اصارح به أحداً ولم أحدثه هو به فتحققت أن الصوت
هو من قبل الرب وأن البابا الآتي هو القمص مينا المتوحد ثم تركته بعد
الإعتراف ونوال البركة والحل وتوجهت إلى القاهرة.
[/size]

ذهبت لأبونا عبد
المسيح وقلت له أنا نفسي أقيم معك وأكون تلميذك فرد عليَّ بقوله : أنا
شحات وعاوز أتجوز لكن أنت بكره تحط صليب فى صدرك وصليب فى إيدك وترفعه
للناس يقبلوه . ولكني لم أفهم قصده وعندما سمعت الست مريم هذه العبارة وهى
تعرف عنه الشيء الكثير لأنه أقام فى منزلهم حوالي الثلاثين عاماً وكانت
أكثر مني إدراكاً فقالت "مبروك يا أبونا لوقا هتبقى مطرانط فدهشت من
الكلام وإعتبرته نوعاً من العبط الذى يتصنعه ابونا عبد المسيح فأراد أن
يؤكد الأمر فقال لها أسقف يا إختي ... فقلت له يا أبونا عبد المسيح مفيش
بطرك يرسمني فقال على مسمع من الست مريم بكره يجي البطرك ويرسمك. وبعد
رسامة البابا كيرلس السادس ذهبت لقرية المناهرة لأبونا عبد المسيح على آثر
رؤية قد رآيتها، وعند وصولي لم أذكر له شيئاً عن الرؤيا وبعد ساعة
تقريباً قال ليَّ: قم روح مصر يمكن أخونا الكبير وأبونا يخليك عنده فقمت
وذهبت إلى القاهرة ثم دخلت البطريركية وقبالت قداسة البابا فلما رآني قال
ليَّ: تعال يا أبونا لوقا أنت فين؟ وإزي أبونا عبد المسيح؟؟؟؟؟؟ فقلت له
أنا فى منشأة غالي شرقية يا سيدنا وأبونا عبد المسيح موجود مكانه فى
المناهرة وكنت عنده من أربعة وعشرين ساعة وبعد فترة إستأذنت من قداسته فى
الإنصراف وإذ به يقول ليَّ : روح هات عزالك وتعال من البلد إللي أنت فيها
فقلت له سمعاً وطاعة يا سيدنا ولم أذكر له شيئاً من أمر أبونا عبد المسيح
ثم إنصرفت مزوداً بدعواته وأنا فى حيرة من الأمر ولكنني نفذت، أحضرت حاجتي
فأمر غبطته بإعطائي حجرة فى الدار البطريركية ثم أمرني أن أذهب إلى كنيسة
مارجرجس بالعجوزة للخدمة فيها (مفيش كنيسة فى الدقي والمهنديسين والعجوزة
غير كنيسة مارجرجس العجوزة) رغم أنها كانت تابعة لمطرانية الجيزة، وقد
عرفت آخيراً بتبعيتها لمطرانية الجيزة فقال ليَّ إستإذن من الأنبا يؤانس
بصفته مطرانها فذهبت وإستأذنت من الأنبا يؤانس مطران الجيزة. وبعد ستة
شهور تقريباً من رسامة البابا جاءني صديق كان يعمل مدرساً فى إسنا أيام
كنت كاهناً لكنيسة العذراء هناك، ونقل إلى جرجا، فأخبرني بأنه اجتمع
بالشعب فى جرجا فى اجتماع عام بخصوص سيامة مطران لها فقام أحد الحاضرين
وقال: أيها الأخوة الحاضرون لي إقتراح أن نطرح الخلاف جانباً ونترك مرشح
غبطة البابا ومرشحنا ونبحث عن شخص غير الاثنين من المرشحين وبعد أخذ ورد فى
الحديث عرض اسمك على الحاضرين فلقى رضاء فجئت لأخبرك وعندما سمعت هذا
الكلام خشيت أن البابا لو سمع سيفكر حتماً إني سعيت لترشيح نفسي من ورائه
فلما سمعت من صديقي ما حدث فى جرجا قمت فى الحال وتوجهت إلى المناهرة حيث
يقيم أبونا عبد المسيح وعرضت عليه الموضوع بصفته أبي فى الإعتراف ومرشدي
الروحي فدهشت عندما سمعت الرد منه يقول : روح قول للبابا ارسمني مطران فقلت
له أنا لا أرغب فى هذه الوظيفة وأقدر خطورتها على نفسي وثانياً كيف أطلب
من البابا مثل هذا الطلب غير المآلوف وغير الممدوح فلا يصح ليَّ أن أقول
للبابا اسمني مطراناً فقال ليَّ: أنا قولت لك ...... فخرجت من عنده وأنا فى
منتهى الحيرة وذهبت إلى الاسكندرية فإذ بيَّ أفاجأ بالبابا يقول ليَّ :
مبروك عليك ولا حل ولا سماح عندك أن تمنع أي إنسان يساعدك أو يعمل لك
تزكية؛ فإبتسمت إبتسامة يدل منها على أن هناك شيء خفي فقال غبطته نفعنا
الله بصلواته أنت كنت فين وقابلت مين وقالك إيه؟ فتوقف لساني عن الكلام
وقلت فى نفسي يا ترى البابا قالها كلمة عابرة أم تسرب إلى ذهنه أني كنت مع
أحد الجرجاويين أم أنه أوحي إليه من الله بما تم بيني وبين أبونا عبد
المسيح أم أن هناك لاسيلكياً بينهما وآخيراً قال ليَّ: يعني سكت؟؟؟؟ فإضررت
أن أصارحه بما قاله ليَّ أبونا عبد المسيح فضحك ضحكة يشتم منها أن روحهما
كانت متصلة معاً ورد علىَّ بقوله: بعدما قالك أبونا عبد المسيح هذا
الكلام بركة صلواته معنا وأصدر لك هذا الأمر وهو رجل قديس عظيم ومن السواح
عاوز تهرب وتخالف أوع تخالف وتهرب أحسن الحوت يبلعك كيونان ... إسمع يا
ابني أنا عارف أنك غير ميال للوظائف الكبيرة ولكن قبولك لهذه الإيبارشية
بالذات وفى هذه الآونة بكل صراحة هو خدمة ليَّ لأنني رفضت مرشحاً لجرجا
وأن الرب سيرتب له مكاناً آخر وهم رفضوا مرشحي فأنا عاوزك تقبل رسامتك على
جرجا وأنا أعرف جيداً أنك ستصادف متاعب كثيرة هناك ولكن الرب معك ببركة
صلوات أبينا القس عبد المسيح وأنني سأذكرك فى صلواتي دائماً لكي ينجح الرب
طريقك ثم قرر ليَّ قوله : أوع تخالفني وتخالف أبونا عبد المسيح لأنه قديس
عظيم وأنا أعرفه جيداً ثم قال ليَّ : إتكل على الله ....

وبعد رسامتي وأنا
ذاهب إلى جرجا إنتظرني أبونا عبد المسيح على محطة مطاي وركب معايا القطار
لغاية المنيا وفى أثناء هذه المسافة قدم ليَّ نصيحة لن أنساها وهى بالحرف
الواحد : إحذر الكبرياء فإنها تجعل روح الله يفارقك، تمثل بسيدك الذى
قال"تعلموا مني لني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" ثم قال ليَّ
كما قال قداسة البابا مع إختلاف بسيط فى التعبير : لا تخف وتقو فى التجارب
التي ستصادفك ولا يضعف إيمانك ولا تخر عزيمتك وستلمس أن يد الرب معك.






أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري) والنخلة – أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري) والمالك السابق (الملك فاروق)

]توجد نخلة بقرية
المناهرة تسمى (( نخلة أبونا عبد المسيح )) وقصتها كما يذكر سكان المناهرة
.... أن أبونا عبد المسيح جلس فى وسط جماعة من المناهرة وكان يكبرهم
المرحوم المقدس حنا يواقيم وكانت هناك نخلة صغيرة لا يزيد إرتفاعها عن نصف
متر ولها حوالي خمس ورقات ولصغرها لم تثمر بعد، فبدأ المقدس حنا يُمازح
أبونا عبد المسيح فقال له :


]يا أبونا عبد
المسيح إيه رآيك فى النخلة دي ها تطرح بلح أحمر ... فقال أبونا عبد المسيح
اصفر ثم عكس المقدس حنا يا أبونا عبد المسيح إيه رآيك النخلة دي ها تطرح
بلح أصفر ...... فقال أبونا عبد المسيح أحمر .... فقاله يا أبونا هي هتطرح
بلح أحمر ولا بلح أصفر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فقال أبونا عبد المسيح: ها تطرح
بلح أصفر على أحمر وقد وضع الحاضرون القول فى ذاكرتهم وقد كان ان النخلة
تطرح سنوياً البلحة نصفها أحمر والنصف الثاني أصفراً وهى موجودة إلى الآن.
[/size]
دخل أبونا عبد
المسيح فى يوم إلى منزل المرحوم الأستاذ يعقوب بباوي تاجر الأقطان الشهير
بسمالوط قبل الثورة فوجده متضايقاً فقال له : يا يعقوب فاروق ابن نازلي
عاوزك وعاوز منك جنينة من جناينك ولكن متخافش هايقابلك واحد ظابط يدخلك من
الباب ويخرجك من الباب الثاني وأنا بعد أسبوعين هاطرد لك الكبير من البلد
ويروح إيطاليا يبيع عيش وطعمية . فإستغرب الأستاذ يعقوب وخاف لربما يسمع
أحد فيتسبب هذا الكلام فى مصيبة له وفى الوقت نفسه أصبح بين مصدق ومكذب
كيف يطرد الملك من مصر وفى ذات الوقت يؤمن إيماناً كلياً بكلام أبونا عبد
المسيح وأخذ يترقب صدق النبوءة من عدمه وبعد أسبوعين كما قال له قام الجيش
بثورته وخلع الملك فاروق وطرده من البلد نهائياً وسافر إلى إيطاليا.






نياحة أبونا عبد المسيح المناهري (المقاري)


]إبتداء من عيد أحد
الشعانين سنة 1963 م بدأ أبونا عبد المسيح يردد عبارة "أنا ها أفرح وأكلل
يوم العيد" ولم يقل فى هذه المره عاوز أتجوز بل أكلل وافرح وأخذ يردد هذه
العبارة بإستمرا فلم يفهمه أحد ، وكان الكل يعتقدون أنه يتعابط كالمعتاد
[/size]

]وكان موجوداً قبل
العيد بخمسة أيام الشيخ إيليا عياد شيخ قرية كوم العرب مركز مطاي،
والمرحوم المقدسفانوس يوسف تاجر البصل بمغاغة والمرحوم المقدس حنا يواقيم
وأخذ يردد أمامهم كثيراً "أنا هاأكلل وأفرح يوم العيد" وقد غستنتج الشيخ
إيليا من كلامه أنه سينتقل إلى الأبدية فقال له بطريق الضحك كعادته معه :
أنت باين هتموت يوم العيد يا أبونا عبد المسيح ... فقال له أبونا عبد
المسيح : أنت عم تتنبأ يا شيخ إيليا خلاص ؛ فقال المرحوم فانوس : إيه ده
يا أبونا سلامتك ؛ فرد عليه بقوله ك متزعلش يا خويا أدي بورة وأدي بورة ثم
أخذ يحفر بعصاته حفرتين صغيرتين فى الأرض فقال له المقدس فانوس: إياك أنا
هاموت يا أبونا ...... فغير أبونا البار كلامه وبدأ يردد عبارة "أنا لازم
أكلل وأفرح يوم العيد" ,اخذ يرددها على مسامع كل من صادفه.
[/size]
وفى صباح عيد
القيامة الموافق (14) الرابع عشر من شهر إبريل سنة 1963 م ، 6 برمودة سنة
1679 ش تنيح أبونا عبد المسيح وفرح يوم العيد فى الفردوس ولبس إكليل العفة
والصبر والجهاد وتمت نبوءته وتوفى المعلم فانوس ليلة العيد .

بركة صلواته تكون معنا جميعاً أمين